مناسك الحج
الإحرام
هو أن ينوي الحاج الإحرام -الدخول في نسك الحج- بِقَلبِهِ، مستحضرًا النية لذلك، وسبب تسميته بالإحرام لأن الحاج بمجرّد الدخول فيه يحرّم عليه أمورًا كانت محللة له، وقد تعددت آراء الفقهاء في حكم التلبية عند الإحرام بين الاستحباب والفرضيّة، والمشهور عند جمهور العلماء القول باستحبابها وفيما يتعلق بالميقات الزماني للحج؛ فللحاج أن يحرم في أشهر الحج، وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وأعمال الحج تكون في الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة،
وفيما يتعلق بالميقات المكاني للإحرام فهي بحسب البلد كالآتي:
ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة.
ميقات أهل الشام والمغرب ومصر: الجحفة.
ميقات أهل اليمن: السعديّة.
طواف القدوم
طواف القدوم سنّة من سنن الحج حسب قول الجمهور، ويسمى بطواف الورود، وطواف الوارد، وطواف التحيّة؛ لأنه شُرع للقادم من غير مكة المكرمة، ويبدأ طواف القدوم بدخول الحاج إلى مكة المكرمة، وذلك لتحيّة البيت العتيق، وآخر وقته الوقوف بعرفة عند جمهور الفقهاء، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا-: (أنَّ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ).
السعي
السعي ركن من أركان الحج بحسب أقوال كل من المذهب المالكي، والشافعي، والحنبلي، وذهب الحنفية إلى سُنّية السعي، بحيث لا يترتب على الحاج بتركه دم -ذبح هدي-، وذهب الجمهور إلى أن الشرط في السعي إتمام سبعة أشواط، قال -تعالى-: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).[٦][٧] وتكون صفة السعي بارتقاء الحاج إلى الصفا ليبدأ السعي، ويكون مستقبلًا الكعبة، ويوحد الله -تعالى- ويكبّره، ثم يتّجه إلى المروة بالمشي المعتاد، فإذا ما حاذى العمودين الأخضرين أسرع في المشي، حتى إذا وصل المروة وحّد الله وكبّره، وهذا شوط واحد.[٧] ثم يشرع في الشوط الثاني، ويفعل فيه مثلما فعل في الشوط الأول، حتى يتم الشوط السابع، ويبدأ وقت السعي يوم النحر بعد طواف الزيارة لا طواف القدوم؛ ذلك لأن السعي واجب، وطواف القدوم سنّة، فلا يجوز أن يكون الواجب تَبعًا للسنّة.
يوم التروية
يصادف يوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة، ويستحب للحاج أن يخرج من مكة المكرمة إلى منى في يوم التروية، فيُصَلِّي بِمِنى خَمْسَ صلواتٍ هي: الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ، وَالْفَجْرُ، وذلك باتفاق الأئمة الأربعة،[٨] ويبيت بها ليلة عرفة، ثم يسير الحجاج من منى إلى عرفة سيرًا على الأقدام بعد طلوع شمس عرفة، وهو سنّة عند الجمهور.
الوقوف بعرفة
حكم الوقوف بعرفة وشروطه الوقوف بعرفة ركنٌ من أركان الحج لا يتمّ الحج إلّا به، وذلك باتّفاق الأئمّة الأربعة، فقد ثبتت ركنيّته بالسنّة والإجماع، وقد جاء في فضل هذا اليوم عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا-: (أَنَّ رَسُول -اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُول: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ)،[١٠]
المبيت بمزدلفة
حد مزدلفة ما بين مأزمي عرفة؛ والمأزم هو الطريق بين الجبلين، وقرب مُحسّر يمينًا وشمالًا، متوسطة ما بين عرفة ومنى، وفي هيئة مشية الحاج إلى مزدلفة؛ فتكون في سكينة ووقار، ويسرع إذا ما وجد فرجة، وذهب جمهور إلى جواز تأخير صلاتيّ المغرب والعشاء لأدائهما في مزدلفة،
الهدي والتحلل
– الهدي إما أن يكون هدي تطوّع، أو هدي تمتع أو قران، أو لجبر نقصان ما، ووقت ذبح الهدي يكون حسب سبب ذبح الهدي.
– التحلل من الإحرام ويُراد بذلك الخروج من الإحرام، وهو تحلل أصغر يتحقق برمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير، وبهذا التحلل يحل للحاج كل شيء سوى النساء. ويرى آخرون أنه يحصل برمي الجمرة، والحلق، والتقصير، وبهذا يحل للحاج كل شيء عدا النساء. وتحلل أكبر وبهذا التحلل تباح جميع المحظورات الإحرام دون استثناء، ويبدأ وقت التحلل عند فجر يوم النحر، ويحصل هذا التحلل بطواف الإفاضة بشرط الحلق أو التقصير، إلّا أن المالكيّة زادوا السعي قبل الطواف.
طواف الإفاضة
وقت طواف الإفاضة ويسمّى طواف الزيارة؛ وهو ركن من أركان الحج باتّفاق المذاهب الأربعة، والمطلوب هو سبعة أشواط بحسب جمهور العلماء، بينما قال الحنفيّة إن الركن المطلوب هو أداء أربعة أشواط فقط.
رمي الجمرات في أيام التشريق
ا- اتّفق الفقهاء على أنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج، ومن تركها يلزمه دم أي ذبح هدي؛ لتركه واجباً من واجبات الحج.
ب- الجمرات ثلاث، هي:
الجمرة الأولى: وهي أول جمرة، وتقع بعد مسجد الخيف في منى، وهي أبعد الجمرات عن مكة المكرمة، وترمى بسبع حصيات متعاقبات.
الجمرة الثانية: بعد الجمرة الأولى وقبل جمرة العقبة، ترمى بسبع حصيات، مع التكبير مع رمي كل حصاة.
الجمرة الثالثة: وهي جمرة العقبة، تُرمى بسبع حصيات، ويقوم الحاج بالتكبير مع كل حصاة.
طواف الوداع وإتمام الحج
يسمّى طواف الصّدر، وطواف آخر العهد، وسبب تسميته بذلك لأن الحاج يودّع به البيت الحرام، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه واجب، ووقته يكون عقب انتهاء الحاج من جميع مناسك الحج، وأي طواف يفعله الحاج بعد طواف الزيارة يُجْزِئ عن طواف الوداع.
وختامًا وبعد تفصيل القول في مناسك الحج بالترتيب، فإن أركان الحج هي: الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والإحرام، والسعي بين الصفا والمروة. والواجبات في الحج هي: الوقوف بمُزدلفة، والمبيت بمنى، وطواف الوداع، ورمي الجمرات. وَسُنن الحج: طواف القدوم، والتّوجه إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة. وقد تعددت آراء الفقهاء في ترتيب مناسك الحج؛ فمنهم من قدّم الرّمي على الحلق والطواف، ومنهم من قدّم الرمي على الذبح والحلق، ومنهم من لم يرَ وجوب ترتيب أعمال يوم النحر.